تشات جي بي تي هي تقنية مبتكرة اجتاحت العالم: روبوت دردشة قائم على الذكاء الاصطناعي يستطيع فهم اللغة البشرية، والاستجابة لها بطريقةٍ تبدو طبيعية. وقد دخل في العديد من الصناعات كالرعاية الصحية، وخدمة العملاء، والتعليم وغيرها. واكتسب شعبية كأداةٍ قوية للأتمتة وخفض التكلفة. لكن، كما هو الحال مع أيّ تقنية مزعزِعة أو تخريبية (Disruptive Technology)، تبرز مخاوف بشأن تأثيرها على سوق العمل، والخصوصية، والأمان. ولا يخفى أنّ لدى تشات جي بي تي القدرة على استبدال وظائف بشرية لا سيّما تلك التي تنطوي على مهام متكررة، واتخاذ قراراتٍ بسيطة. وهذا قد يكون له آثار بعيدة المدى على الاقتصاد وسوق العمل. ويعتقد بعض الخبراء أنّه لديه بالفعل القدرة على أن يكون أكبر تقنية مزعزعة في القرن الواحد والعشرين. ويشيرون إلى مجالاتٍ كخدمة العملاء، والصحافة، والتعليم قد تكون الأكثر تأثّرًا بهذه التقنية. وفي حين يرى كثيرون أنّه يعدّ فرصة كبيرة، لكن هناك فريق آخر لا يستطيع التغاضي عن إساءات الاستخدام.
1. مسارٌ متصاعد
تشات جي بي تي هو نموذج ذكاء اصطناعي تمّ تدريبه من خلال “أوبن ايه آي” وهي شركة ناشئة تمولها مايكروسوفت. وتقول الشركة إنه يستطيع القيام بمهام إبداعية وتقنية مثل كتابة السيناريوهات أو تعلّم أسلوب كتابة المستخدم وما إلى ذلك، وذلك بالإعتماد على كميةٍ كبيرة جدًا من بيانات التدريب. إلّا أنّ المحتوى الذي يتم إنشاؤه ليس مجرد تكرار للبيانات الموجودة، ولكنه “ابتكار فريد” لم يسبق رؤيته من قبل. وقد استحوذ تأثير تشات جي بي تي على سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي. وتذكر Statista أنّ الأمر استغرق 5 أيامٍ فقط حتى يصل عدد مستخدمي الأداة إلى مليون مستخدم بعد إطلاقها في نوفمبر الماضي. ووفقًا لـ “MarketsandMarkets” فإنّ القيمة السوقية للذكاء الاصطناعي التوليدي ستشهد ارتفاعًا ملحوظًا من 11.3 مليار دولار أميركي في عام 2023 إلى ما يفوق 51 مليار دولار بحلول العام 2028.
إنّ النمو السريع الذي يشهده الذكاء الاصطناعي التوليدي، يؤكده العديد من الخبراء حيث يقول “كريس ماتمان” الباحث وكبير مسؤولي التكنولوجيا والابتكار في مختبر الدفع النفاث (JPL) التابع لناسا إنّ تشات جي بي تي لديه القدرة على أن يكون أكبر تقنية مزعزعة في القرن الحالي فهذه “لحظة مفصلية”، ورغم أنها تقنية ذات منفعة للبشرية، لكنها لديها القدرة على أن تشكّل أكبر تهديد.
2. قطاعات متأثرة
ومن الأمثلة على المجالات التي يمكن أن تتأثر بسبب تشات جي بي تي نذكر خدمة العملاء، حيث أنه لديه القدرة على إعادة تشكيل القطاع بشكلٍ كبير. صحيحٌ أنّه بإمكان الشركات توظيف بوتات الدردشة لتقليل اعتمادها على البشر وهذا قد يؤدي إلى تحسين الكفاءة، وتوفير التكاليف من منظور الشركة، لكن مع ذلك قد يؤدي أيضًا إلى إزاحة وظيفة ممثلي خدمة العملاء، ناهيك عن مخاوف الخصوصية المحتملة حيث ستتعامل أنظمة الذكاء الاصطناعي مع معلوماتٍ حساسة للعملاء.
ومجال الرعاية الصحية هو الآخر سيتأثّر في العديد من النواحي. وهناك بالفعل محاولاتٍ جارية لاستخدام الردود المقترحة من تشات جي بي تي على استفسارات المرضى في البوابات الطبية. وتشير الأبحاث الأولية إلى تحسّن الاستجابات الموجهة نحو المرضى مقارنةً باستجابات الطبيب النموذجية. وقد تغطي النص المطلوب المتوقع من قبل الأطباء وقد تمتدّ إلى أي وثائق يقدمها الأطباء مع تحسين أساليب الحفاظ على الخصوصية. لكن ذلك يحتاج للمزيد من الاختبارات ووضع قواعد وعمليات بحث دقيقة.