كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع النقل؟

الأحد 16 رمضان 1443ھ الأحد 17 أبريل 2022م
فيسبوك
إكس
واتساب
تيليجرام
لينكدإن
المصدر: Singapore Management Uni

823 كلمة

8 دقائق

المحتوى

النقل، هو القطاع الذي يتعامل مع حركة انتقال السلع والركّاب من مكانٍ إلى آخر. وقد مرّ بالعديد من الدراسات والتجارب والتحسينات للوصول إلى ما هو عليه الآن. وشكّلت القوارب البخارية في عام 1787 أحد المعالم الرئيسية في تاريخ النقل، بعدما كان الناس يعتمدون في تنقّلاتهم على العربات التي تجرها الحيوانات. وفي القرن التاسع عشر شهد نقلةً نوعية من التطوّر كان من أبرز شواهدها اختراع الدراجات والقطارات والسيارات، وصولًا إلى الطائرات مع مطلع القرن العشرين. واليوم، نرى أنّ قطاع النقل تطوّر إلى مستوى يمكن للمركبات فيه التنقّل والتحرك دون مساعدة بشرية. وقد كان للتطورات التقنية دورًا مهما في تحقيق هذا التقدّم، والتي من بينها الذكاء الاصطناعي. ووفقًا لتقريرٍ صناعي، بلغ سوق الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع قرابة المليار دولار عام 2016، بينما تشير توقعات أخرى إلى أنه سيشهد نموًا بمعدلٍ سنوي يتخطّى الـ 17% في السنوات المقبلة. من خلال هذه المقالة، نبحث في الفوائد والاختراقات التي يحققها الذكاء الاصطناعي لتطوير قطاع النقل.

1- المركبات ذاتية القيادة

تستخدم وسائل النقل المدعومة بالذكاء الاصطناعي مزيجًا معقدًا من أجهزة الاستشعار، والكاميرات، والرادارات، بهدف القيادة الآلية دون أيّ مساعدة من الشخص الجالس بداخلها. وتعمل شركات مختلفة مثل BMW و Audi و Tesla على تطوير واختبار هذا النوع من الأتمتة. وبحسب اختباراتٍ أجرتها جوجل، تجاوزت العديد من السيارات ذاتية القيادة أكثر من 140 ألف ميلًا. وتمامًا مثل الدماغ البشري الذي يقوم بمهامٍ متعددة أثناء القيادة، تمّ تطوير شبكاتِ عصبية معقدة لتحاكي أنماطًا مماثلة. ويعدّ تحديد إشارات المرور، والأشخاص، والحواجز، والأشجار، وعلامات الشوارع، والازدحامات المرورية، وغيرها من المعالم، جزءًا من البيانات الموجودة في الشبكات العصبية. وقد تمّ مؤخّرًا اختبار سيارات الأجرة المستقلة في العاصمة اليابانية طوكيو. ويتيح استخدام هذا النوع من المركبات في خفض التكاليف اللوجستية. ومن المتوقع أن تكون هذه التقنية مفيدة أيضًا لزيادة وسائل النقل العام في المناطق النائية، كما يمكن أن تقلّل من الإنفاق على النقل بنسبة تصل إلى 45%. والأمر ذاته ينطبق على الشاحنات المستقلة التي أصبحت مشاريع رائدة بالنسبة للشركات، خصوصًا في الرحلات الطويلة التي تكون متعِبة ومملّة للسائقين. وقد طوّرت شركة “Plus.ai” الأميركية الناشئة في ولاية كاليفورنيا شاحنة ذكية، وقامت فعليًا برحلة مدتها 41 ساعة عبر البلاد لتوصيل الزبدة.

2- إدارة حركة المرور

إنّ العيش والعمل في مدينةٍ مكتظة بالسكان، وبذل الجهود للوصول إلى مقرّ العمل أو المدرسة في الوقت المحدد هي مشكلة مرهقة تواجه الناس كلّ يوم. وتعدّ إدارة حركة المرور القائمة على الذكاء الاصطناعي خطوة يمكن أن تساعد في الحدّ من مشاكل المرور اليومية وإرهاق السائقين. ويتمّ ذلك من خلال الاعتماد على إشارات المرور الآلية، والكاميرات عالية الدقة، والمعالجة في الوقت الحقيقي، وأنظمة التعرّف الآلي على اللوحات، وغيرها. ومن الأمثلة نذكر “نيودلهي” عاصمة الهند التي قرّرت الاستعانة بمثل هذه الإدارة الذكية لحركة المرور، حيث سيتمّ تركيب ما يقرب من 7500 كاميرا الاستشعار بالأشعة تحت الحمراء و 1000 لوحة ذكية نوع “LED”. كذلك، يساعد الذكاء الاصطناعي في تقليل الازدحام والاختناقات المرورية عن طريق تحويلات حركة المرور في ساعات الذروة وذلك باستخدام البثّ المباشر، وأجهزة الاستشعار، وخرائط جوجل حيث يجري جمع البيانات حول المسارات في الوقت الحقيقي، وإرسالها إلى السحابة، يتبعها استخدام التحليل التنبؤي لحركة المرور. ويقوم النظام عندها بإعلام المستخدمين بأفضل طريقة للوصول إلى وجهتهم.

3- الطائرات بدون طيار

المصدر: Reuters

صحيحٌ أنه بفضل الطائرات بدون طيار، يمكن الحصول على مناظر جوية جميلة، لكن هناك أوجه أخرى للاستفادة منها. ويمكن استخدام هذه الطائرات لإدارة ومراقبة حركة المرور لأنها توفّر رؤية أوسع للمنطقة بأكملها. وهناك أحد أكثر التطبيقات إثارة وابتكارًا في مجال النقل هي “الدرون تاكسي”، حيث تعمل العديد من الدول على هذه الفكرة، وقد دخلت حيّز التجربة بالفعل. وتعتزم حكومة كوريا الجنوبية عام 2025 إلى أن يكون لديها نظام إدارة حركة المرور الخاص بها في هذا السياق. ويمكن لهذا النوع من الطائرات أن يقدّم حلًا فريدًا لمكافحة انبعاثات الكربون، والقضاء على الازدحام المروري، بالإضافة لتقليل الحاجة إلى خطط بناء البنية التحتية المكلفة. وإلى جانب ذلك، ستساعد الناس على الوصول إلى وجهتهم في وقتٍ قصير، مما يقلّل من وقت تنقلّهم، كما يمكن الاستعانة بها في خدمات التوصيل، ونقل وتسليم مختلف السلع والبضائع.

4- السيارات المنقذة للحياة

المصدر: Getty Images

لا يساعد الذكاء الاصطناعي في الأتمتة فحسب، بل ثبت أنّه منقذٌ للحياة. ويمكن له تحديد أنماط الألم الشديد وحالات الطوارئ الأخرى، وهذا يسمح بإنذار المستشفيات المحلية لإرسال سيارة إسعاف أو القيادة تلقائيًا إلى أقرب مستشفى. ووفقًا لتقرير بثته بي بي سي، فقد أُصيب مريض بشكلٍ فجائي بانسداد رئوي، ونقلته سيارته من طراز “تسلا موديل اكس” الذكية إلى المستشفى في وضع القيادة الآلية. وبالفعل، فقد نجا المريض، وكل ذلك بفضل القرار السريع الذي اتخذه نظام الذكاء الاصطناعي للسيارة، والذي نقل الشخص للمستشفى في الوقت المناسب.  وبالإمكان أيضًا استخدام هذه التقنية لتنبيه سيارات الإسعاف المحلية بدلاً من الاتصال بها يدويًا، ما من شأنه أن يقلّل من عدد الوفيات.

إنّ الذكاء الاصطناعي  يغيّر طريقة تفكيرنا حيال السيارات والشاحنات وأنظمة إدارة حركة المرور وغيرها من الجوانب المرتبطة في النقل. وقد قدمت هذه المقالة لمحة عن بعض الفوائد التي لا يتّسع مقال واحد لذكرها كلها، ذلك أنّ هذا القطاع له أشكال مختلفة: الفردية والجماعية، الخاصة والعامة، الأرضية والجوية. وعلى الرغم من ورود تقارير تتحدّث عن حوادث ناجمة عن استخدام هذه التقنية في النقل، لكن ذلك لا ينفي أنه مع مرور الوقت ستتعدّد الفوائد وستزداد وتتحسّن في هذا المجال.

نشرة فهم البريدية
لتبقى على اطلاع دائم على كل ما هو جديد مما تقدمه منصة فهم، انضم لنشرتنا البريدية.
انضم الآن
باحث في مجال الذكاء الاصطناعي. كاتب تقني. يرتكز عمله المهني على توفير المهارات الإستراتيجية لدعم وفهم تقنية الذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية. أنجز العديد من الدراسات والمقالات العلمية في الذكاء الاصطناعي، وتركّز أبحاثه على التأثير الحقيقي لهذه التقنية في مختلف المجالات.
  1. فراس العامري فراس العامري

    مقال جميل مختصر لكم في نفس الوقت يعطي القارة لمحة وافية عن تطور هذه الصناعة، شكرا لجهودكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *