أيّ دور لتقنيات الذكاء الاصطناعي في مراقبة السعال؟

السبت 18 ذو الحجة 1446ھ السبت 14 يونيو 2025م
فيسبوك
إكس
واتساب
تيليجرام
لينكدإن

798 كلمة

7 دقائق

المحتوى
لنبدأ هذه المقالة بسؤالٍ سريع، دون البحث عن الإجابة عبر الإنترنت: يا ترى كم مرة يسعل الشخص السليم يوميًا؟ إذا كنت قد خمنت من 4 إلى 6 مرات فقد أصبت. وهذا ما تشير إليه دراسة منشورة على منصة “BMC” للأبحاث الطبية والعلوم الحيوية. وبطبيعة الحال، فنحن عادةً لا ننتبه للسعال إلا إذا أصبح أكثر تواتراً وملحوظاً. ولكن لعلّه يمثل أحد المؤشرات التي قد تدفع لطلب المساعدة في حالاتٍ طبية.
ولم يكن هناك حاجة للاستعانة بتقنيات للتمييز بين المرضى بناءً على مؤشرات السعال، حيث كان الأطباء يفعلون ذلك منذ قرون دون الحاجة إليها. لكن في الواقع، فإنّ سعال الشخص يمكن أن يوفر رؤى للمراقبة الذاتية. وقد بدأت التطورات في مجال الصحة الرقمية تساهم في تسهيل عملية تتبّع هذه الحالة. وقد يؤدي هذا أيضًا إلى جعل مراقبته أمرًا شائعًا ما سيعطي المرضى والطاقم الطبي رؤى صحية دقيقة وعميقة.
في هذه المقالة، سننظر في أدوات الصحة الرقمية الذكية التي تُسهّل مراقبة السعال. ويمكن تصنيفها إلى مجموعتين أساسيتين: تطبيقات الهواتف، والأجهزة المتخصصة. وفي كل مجموعة، يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في تشكيل مشهد مراقبة السعال لمساعدة المرضى على فهم صحتهم بشكلٍ أفضل.

۱. قوة وفاعلية البيانات

أحد الأسئلة التي ستُطرح من جانب القارئ فيما يتعلق بمراقبة السعال هو: لماذا نفعل ذلك أصلًا؟ وإذا كانت الأمور تُدار دون مثل هذا المقياس، فهل هناك أي سبب للاستثمار فيه؟ لقد اتضح أن هناك العديد من الأسباب للقيام بذلك، حيث أن السعال يُعدّ مؤشراً حيوياً مهماً للغاية.

إنّ الحصول على البيانات الأساسية حول عدد مرات السعال اليومي للشخص ونمطها، يمكن أن يساعده في اتخاذ قرارات أكثر استنارة. فعلى سبيل المثال، يمكن للمرضى الذين يعانون من حالات مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن، والربو أن يستخلصوا رؤى حول احتمالية التعرّض لنوبات مرضية. وهذا قد يمنع من تفاقم الحالة، والتي قد تتطلب علاجاً مكلفاً ومكثفاً. وفي حالاتٍ أخرى، قد يكون ارتفاع معدل السعال في منطقة ما مؤشراً على وجود مسبّباتٍ للحساسية أو العدوى، وما إلى ذلك. وبالتالي، يمكن استخدام هذه البيانات لاتخاذ التدابير اللازمة من قِبل الطاقم الطبي. وفي هذا السياق، تطوّر شركة “Hyfe AI” الأميركية أدوات مراقبة السعال، حيث يقول كبير مسؤوليها الطبيين إنّ هناك قيمة كبيرة من تمكين المرضى والأطباء بهذه البيانات، لأنه سيؤدي إلى نقلة في مفهوم النهج السريري بأكمله، ويتيح اقتراح علاج بناءً عليها. وعليه، نفترض أن ذلك ليس ببعيد، حيث تتوفر بالفعل أدوات مراقبة السعال الرقمية، وبالتأكيد سيجري طرح المزيد منها في السوق.

۲. تطبيقات تتبّع السعال

هناك العديد من التطبيقات المتاحة والتي يمكن الاستعانة بها لهذا الغرض. ويعمل تطبيقَي “CoughTracker” و “CoughPro” على تحديد وتسجيل السعال لدى المستخدمين، وتحليلها من خلال نماذج الذكاء الاصطناعي إلى جانب توفير ملخصاتٍ سياقية تبعاً للحالة.

كما تقوم “Swasaa” و “Raisonance” على تطوير تطبيقاتٍ مماثلة. حيث تعمل شركة “Swasaa” الهندية على دمج تسجيلات السعال والمقاييس الصحية الأخرى كدرجة الحرارة وتشبع الأكسجين لتقييم أداء رئة المريض. وتهدف من خلال ذلك إلى توفير بديل لقياس التنفس، وهو أكثر فاعلية من حيث التكلفة.

أمّا في حالة “Raisonance”، فقد بدأت الشركة الأميركية بتطوير تطبيق “AudibleHealth Dx” لتحديد إصابات كوفيد-19 من خلال تسجيلات السعال. وبمجرد التقاط التسجيل، يتصل التطبيق بالسحابة للمعالجة والتحليل بمساعدة الذكاء الاصطناعي. وحالياً، يتوسّع نشاط الشركة ليشمل تشخيص “الإنفلونزا” و”السل” باستخدام نفس التقنية.

۳. رؤى بحثية باستعمال أجهزة متخصصة

يمكن لأجهزة مراقبة السعال المتخصصة، والتي تهدف في المقام الأول إلى أغراض البحث، أن توفر المزيد من الرؤى. وفي الوقت الراهن، لا يتوفر سوى عدد قليل من الخيارات. أحد الأمثلة على ذلك “VitaloJAK” المعتمَد سريريًا. وهو جهاز قابل للارتداء يتتبّع ما يصل إلى 24 ساعة من تسجيلات السعال. وتقوم خوارزميات البرنامج بتحليل البيانات، وفصل التسجيلات غير المتعلقة بالسعال، وحتى تحديد فترات الاستيقاظ والنوم.

وهناك خيار آخر، وهو جهاز مراقبة الإشارات الحيوية “RESP Biosensor” من شركة “Strados” البريطانية. وهو عبارة عن أداة يمكن ارتداؤها، تتيح للباحثين تسجيل أصوات السعال والرئة بشكٍل مستمر لتحليلها لاحقاً. ومن الخيارات المتخصصة للمرضى نذكر نظام “Wheezo” من شركة “Respiri” البريطانية، الذي يكتشف أصوات التنفس غير الطبيعية، مثل الصفير، ويسمح للمستخدمين بإنشاء تسجيلات على أن يتم بعد ذلك إعادة تشغيلها من أخصائيي الرعاية الصحية لمراجعتها.

٤. دور الذكاء الاصطناعي

مع مرور الوقت، من المرجح أن نرى المزيد من تطبيقات وأجهزة تتبع السعال. وقد يستهدف بعضها حالات محددة، بينما البعض الآخر قد يوفّر معطيات حول اللياقة البدنية للأشخاص الأصحاء، على غرار أجهزة تتبّع اللياقة البدنية. ورغم اختلاف أهدافها، إلا أن أدوات مراقبة السعال تلك يجمعها سمة مشتركة واحدة: الذكاء الاصطناعي. ذلك، أن الأمثلة التي ذكرناها تعتمد جميعها على خوارزمية أساسية تحلّل عينة تسجيل السعال. ويُطلق على تطبيق خوارزميات التعلم الآلي لهذه الأغراض اسم “الذكاء الاصطناعي الصوتي”. وتوضح شركة “Hyfe AI” على لسان كبير مسؤوليها الطبيين، أنه عند التدريب على مجموعات كبيرة ومتنوعة من الأصوات، ستتمكن النماذج من التعرّف على الصفير، والسعال وما إلى ذلك. وعندما يتم دمج تلك الأصوات في السماعات الطبية الرقمية، فهذا سيحسّن من القدرات التشخيصية للأطباء.

ومع ذلك، فإنّ تطوير هذه الأدوات يتطلّب من المطورين الأخذ بعين الاعتبار معالجة مخاوف الخصوصية والحصول على موافقةٍ صريحة من المستخدمين لاستخدام تسجيلات السعال بهم، لا سيما وأن شركات التكنولوجيا الكبيرة مثل جوجل قد أبدت اهتمامًا بتوفير مثل هذه الأدوات لعامة الناس، مما قد يزيد من تلك المخاوف. وبما أن مجال مراقبة السعال يعد مجالاً ناشئاً نسبيًا، فمن المفيد أخذ ذلك بعين الاعتبار في مرحلة مبكرة.

نشرة فهم البريدية
لتبقى على اطلاع دائم على كل ما هو جديد مما تقدمه منصة فهم، انضم لنشرتنا البريدية.
باحث في مجال الذكاء الاصطناعي. كاتب تقني. يرتكز عمله المهني على توفير المهارات الإستراتيجية لدعم وفهم تقنية الذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية. أنجز العديد من الدراسات والمقالات العلمية في الذكاء الاصطناعي، وتركّز أبحاثه على التأثير الحقيقي لهذه التقنية في مختلف المجالات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *