“تشات جي بي تي” تطبيقٌ مثير، لكن ماذا عن المشكلات؟

الأثنين 16 جمادى الآخرة 1444ھ الأثنين 9 يناير 2023م
فيسبوك
إكس
واتساب
تيليجرام
لينكدإن
المصدر: Ars Technica

824 كلمة

7 دقائق

المحتوى

المحتوى

حظي بوت الدردشة “تشات جي بي تي” (ChatGPT) الذي أطلقه مختبر الذكاء الاصطناعي أوبن إيه آي (OpenAI) نهاية شهر نوفمبر الماضي بالاهتمام، وذلك لإجاباته المثيرة للإعجاب، حيث استطاع كتابة أكوادٍ برمجية، وصياغة البيانات الصحفية وكتابة المقالات الأكاديمية، والشعر والنصوص الأدبية وما إلى ذلك. وعلى الرغم من كلّ تلك الضجة التي أثارها هذا البرنامج حول النتائج التي قدمّها في مختلف المجالات، طفت بعض الإشكالات التي ينبغي الإشارة إليها. فمن السهل معرفة كيفية استخدام “تشات جي بي تي”، ولكن الأمر الأكثر صعوبة يتمثّل في معرفة المشكلات حياله. وفي هذه المقالة سنتطرق إلى بعضٍ منها:

1. إجاباته ليست دومًا صحيحة

صحيحٌ أن “تشات جي بي تي” لديه إجابات صحيحة، ولكن هذا لا يتمّ بشكلٍ دائم. ولا يبدو أنه يجيب على أسئلةٍ منطقية بسيطة، بل ويذهب إلى حدّ مناقشة معطياتٍ غير صحيحة على الإطلاق. وقد شهد العديد من المستخدمين على أخطائه في أكثر من موضوع، وقاموا بعرض الكثير منها على منصات التواصل الاجتماعي. وقد أعلنت “أوبن إي آيه” عن ذلك، حيث أشارت إلى أنّ “تشات جي بي تي” يكتب أحيانًا إجابات تبدو معقولة ولكنها غير صحيحة أو لا معنى لها. هذا المزج للحقيقة والخيال كما يسميه العديد من خبراء الذكاء الاصطناعي، قد يكون له تبعات خطيرة، لا سيّما عندما يتعلّق الأمر بشيءٍ مثل النصائح الطبية.
وعلى عكس المساعِدات الصوتية الذكية مثل “سيري” و”أليكسا” لا يستخدم “تشات جي بي تي” الانترنت لتحديد موقع الإجابات عن الأسئلة التي يعتقد أنها ذات صلة. وبدلًا من ذلك، يقوم ببناء جملة كلمة بكلمة، واختيار الاحتمال الأكثر ترجيحًا، بناءً على بيانات التدريب الخاصة به. بعبارةٍ أخرى، يتوصّل “تشات جي بي تي” إلى الإجابة من خلال إجراء سلسلةٍ من التخمينات، وهذا جزءٌ من سبب قدرته على مناقشة الإجابات الخاطئة كما لو كانت صحيحة تمامًا. وفي حين أنّ فكرة شرحه للمفاهيم المعقدة يعدّ مثيرًا للاهتمام، ويجعله أداة قوية للتعلم، لكن من المهم عدم البناء على كل ما يذكره. ذلك أنه ليس دائمًا على صواب، على الأقلّ حتى الآن.

2. التحيّز على أساس الجنس والعرق

لقد جرى تدريب تشات جي بي تي على الكتابة الجماعية للبشر في جميع أنحاء العالم، ولكن يمكن القول إلى إنه لا يوجد إجابة وافية حول كيفية تدريبه. ومع أنّ “أوبن إيه آيه” ذكرت أنّ ذلك تمّ استنادًا إلى صفحات الويب المؤرشفة، ومحتوى ويكيبيديا. وهذا يعني أن نفس التحيزات الموجودة في البيانات يمكن أن تظهر أيضًا في النموذج. وقد أظهر مستخدمون كيف يمكن لـ “تشات جي بي تي” تقديم بعض الإجابات التي تحمل التمييز ضد المرأة، أو تمييزًا على أساس لون البشرة. وهذا ما بيّنه أستاذ من جامعة كاليفورنيا الأميركية حينما طلب منه كتابة برمجة بلغة بايثون، لتبيان ما إذا كان شخص ما عالمًا جيدًا بناءً على العرق والجنس. فردّ “تشات جي بي تي” أنّ أغلب العلماء الجيدين سيكونون من ذوي البشرة البيضاء الذكور.

وفي هذا السياق، الإشكال لا يكمن في البيانات فقط، وذلك لأنّ الباحثين والمطورين في “أوبن إيه آي” هم أيضًا من يختارون البيانات المستخدمة لتدريب “تشات جي بي تي”. وهنا، تطلب الشركة من المستخدمين تقديم ملاحظاتهم حول المخرجات السيئة للمساعدة في ما تسميه “السلوك المتحيّز”. وفي ظلّ احتمالية إلحاق الضرر، نفترض أنه لا ينبغي إطلاق “تشات جي بي تي” للجمهور قبل دراسة هذه المشكلات وحلّها.

3. التسبّب بأضرارٍ حقيقية

قد ذكرنا أعلاه، كيف يمكن للمعلومات غير الصحيحة بواسطة “تشات جي بي تي” أن تسبّب ضررًا في العالم الحقيقي، مع المثال الأكثر وضوحًا، وهو النصيحة الطبية الخاطئة، ما قد يهدّد صحة البشر. لكن هناك مخاوف أخرى أيضًا. وفي هذا السياق، تشكّل حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الوهمية مشكلة كبيرة على الإنترنت. ومع ظهور بوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، ستصبح عمليات الاحتيال أسهل في التنفيذ. وهنا، يعدّ انتشار المعلومات المزيفة مصدر قلقٍ آخر، خاصةً عندما يجعل “تشات جي بي تي” حتى الإجابات الخاطئة تبدو صحيحة بشكلٍ مقنع.

وقد أدّت الإجابات غير الصحيحة التي تنتج عن “تشات جي بي تي” في حدوث مشكلات بالفعل لموقع “Stack Exchange” وهي منصة إلكترونية شبيهة لـ “كورا” (Quora) يمكن للمستخدمين من خلالها نشر الأسئلة والحصول على إجابات. وبعد فترةٍ وجيزة من إطلاقه، تمّ حظر “تشات جي بي تي” من الموقع بسبب الأخطاء الناتجة عنه. وعليه، بدون وجود عدد كافٍ من المتطوعين البشر لفرز الأعمال المتراكمة، سيكون من المستحيل الحفاظ على مستوى عالٍ من الدقة في الإجابات، مما سيتسبب في أضرار للموقع الإلكتروني.

ولا يمكن أيضًا تجاهل التهديدات السيبرانية، حيث يمكن استخدام “تشات جي بي تي” في كتابة نصوصٍ قد يصعب على البشر تمييزها، وهذا ما قد يتيح لقراصنة الإنترنت إمكانية توفّر أساليب جديدة لشن الهجمات الإلكترونية مثل صياغة رسائل بريد إلكتروني احتيالية أكثر إقناعًا.

يبقى الإشارة إلى أنّه على الرغم من الفوائد التي يمكن لـ “تشات جي بي تي” أن يوفرها للكثير من المجالات، وكذلك للمستخدمين لكن هناك بعض الإشكاليات المهمة التي تستحقّ الفهم. وتقرّ شركة “أوبن إيه آي” بأنّ “تشات جي بي تي” يمكن أن ينتج عنه إجابات خاطئة ومتحيّزة، ناهيك عن قدرته على مزج الحقيقة بالخيال. ومع مثل هذه التقنية الجديدة من الصعب التنبّؤ بالمشاكل الأخرى التي ستنشأ. لذلك حتى ذلك الحين، لتكن متعة التجربة مع الحرص على عدم تصديق كل ما ينبثق عنه.
نشرة فهم البريدية
لتبقى على اطلاع دائم على كل ما هو جديد مما تقدمه منصة فهم، انضم لنشرتنا البريدية.
باحث في مجال الذكاء الاصطناعي. كاتب تقني. يرتكز عمله المهني على توفير المهارات الإستراتيجية لدعم وفهم تقنية الذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية. أنجز العديد من الدراسات والمقالات العلمية في الذكاء الاصطناعي، وتركّز أبحاثه على التأثير الحقيقي لهذه التقنية في مختلف المجالات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *