باتت الرعاية الصحية الرقمية مرافِقة للطواقم الطبية في عملها، بدءاً من مرحلة التشخيص، وصولاً إلى العلاج والرعاية. ويشير هذا المفهوم إلى تنظيم وتقديم الخدمات والمعلومات الصحية باستخدام الإنترنت والتقنيات ذات الصلة. ومع التقدّم في مستويات الأتمتة، ستكون تقنية الذكاء الاصطناعي قادرة على التعامل مع مهام أكثر تعقيدًا بمدخلاتٍ بشرية أقل. صحيحٌ أنها قد تستغرق وقتًا أطول حتى تتحقق بسبب العقبات التنظيمية وغيرها، لكن هذا لا يمنع أن نتوقع الابتكارات القادمة في مجال الطب. وفي هذه المقالة، سنضيء على بعض الأمثلة الواعدة التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحققها في هذا السياق، حيث أن هذه الأدوات ستلقى اهتماماً كبيراً في الرعاية الصحية مستقبلاً.
۱. الطبيب الشخصي والمرافق الصحي
لقد اعتدنا على التحدّث مع مساعدي الذكاء الاصطناعي للحصول على خدماتٍ صحية محددة مثل “Woebot” للمساعدة في مجال الصحة النفسية. وفي المستقبل، ستكون الأنظمة الذكية قادرة على تقديم المزيد من الخدمات، على غرار الممرض الذي “يعيش مع المرضى”. كما سيكون بإمكانها تقديم استشارات وتشخيصات وتوصيات علاجية متكاملة مصممة خصيصًا لتتناسب مع جينات الفرد ونمط حياته.
۲. العمليات الجراحية الروبوتية
تأخذ المساعدة الروبوتية في غرفة العمليات منحًى متزايداً. وباستخدام أدواتٍ مثل نظام دافنشي الجراحي، يمكن للجراحين في جميع أنحاء العالم إجراء عمليات أكثر دقة. ومع مرور الوقت، ستصبح الأنظمة الروبوتية المدعومة الذكاء الاصطناعي أكثر مرونة وكفاءة، كما سيكون بإمكانها إجراء العمليات الجراحية بشكلٍ مستقل، وبدقة تتجاوز القدرة البشرية.
وعلى الرغم من أننا لم نصل إلى هذا المستوى بعد، إلا أنّ الباحثين في الوسط العلمي قدموا لمحة عن هذا المستقبل. فقد صمم أكاديميون من جامعة “جونز هوبكنز” روبوتاً آلياً لإجراء جراحة بالمنظار بشكل مستقل، على الأنسجة الرخوة لأربعة خنازير. كما قام الروبوت بربط طرفين من أمعائها، مما أدى إلى نتائج أفضل بكثير من قيام البشر بنفس الإجراء الجراحي.
۳. التوائم الرقمية لمحاكاة الأمراض
في الرعاية الصحية، تشير التوائم الرقمية إلى صناعة نِسَخ لجسم الإنسان وأعضائه، لكن بدلًا من أن تكون هذه النسخ فيزيائية، فإنها تكون رقمية موجودة في الواقع الافتراضي. وقد تمّ استخدام التوائم الرقمية لدراسة بعض الأعضاء البشرية. فعلى سبيل المثال، يقوم مشروع “الدماغ الأزرق” على بناء نسخة رقمية اصطناعية من الدماغ البشري باستخدام النماذج الحاسوبية، بينما تعمل شركة “سيمنز هيلثينيرز” على توأم رقمي للكبد.
٤. التنبؤ بالأزمات الصحية العالمية
قبل سنوات عاشت البشرية جائحة فيروس “كوفيد 19”. وفي هذا السياق ساعدت تقنية الذكاء الاصطناعي في التخفيف من تبعاتها. وقتها، استخدمت إحدى شركات الذكاء الاصطناعي خوارزمية لإصدار التحذيرات الأولى من انتشار الفيروس، حتى قبل أن تقوم منظمة الصحة العالمية بذلك.
٥. الكشف عن المؤشرات الحيوية
تشير المؤشرات الحيوية بشكلٍ عام إلى العلامات البيولوجية التي تعطي رؤى حول الحالة الصحية للفرد. وتشمل الأمثلة الكلاسيكية للمؤشرات الحيوية، معدل ضربات القلب وكيمياء الدم، وما إلى ذلك. ومع ظهور أجهزة استشعار الصحية الشخصية، أصبح هناك مجموعة جديدة من المؤشرات، وهي “المؤشرات الحيوية الرقمية”، التي تشير إلى بيانات اللياقة البدنية، ويتم جمعها من خلال تقنيات الصحة الرقمية.
ومن خلال الاستعانة بأدوات الذكاء الاصطناعي، توفّر البيانات التي تجمعها هذه المؤشرات الحيوية رؤى شخصية دقيقة. فمثلاً، يمكنها أن تحلّل أنماط الصوت من التسجيلات الصوتية لتقييم الاضطرابات العصبية أو مشاكل العضلات والعظام من خلال تحليل المشي في مقاطع الفيديو. وقد أُجريَت بحوث لاستخدام المؤشرات الحيوية الصوتية لتحديد كوفيد 19، من تسجيلات السعال. وفي المستقبل، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون قادراً على المساعدة في مثل هذه التشخيصات عبر تطبيقات بسيطة.
٦. نقلة في البحث الطبي
لقد ساعد الذكاء الاصطناعي نموذج “ألفا فولد” من شركة “ديب مايند” في التنبؤ بهيكلية البروتين التي يمكن أن تساعد في اكتشاف الأدوية وتحسين علاج الأمراض. وقد حصل مطورو هذه الأداة على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2024 لهذا الإنجاز العلمي.