تمّ إطلاق نتفليكس عام 1997 كشركة لتأجير أقراص الـ “دي في دي” عبر البريد. واليوم تعدّ واحدة من عمالقة البث عبر الانترنت، ومن أكبر خدمات الترفيه في العالم مع أكثر من 200 مليون عضوية مدفوعة في نحو 190 دولة، وفقًا للتقرير السنوي للشركة عام 2020. وفي العقدين الماضيين تغيّر ما يطلبه المستخدمون، حيث كان العثور على ما يريدونه معقد نسبيًا؛ تعلمَت نتفليكس من خلال سلوك مستخدميها كيف توسّع من نطاق تقديم المحتوى الخاص لهم تبعًا لاهتمامات كلّ واحد منهم. في هذه المقالة سنلقي نظرة حول بعض أوجه تطبيق الذكاء الاصطناعي التي تعتمدها نتفليكس في سير أعمالها.
1- خوارزميات التوصية
يمكن القول إنّ نتفليكس تعتمد على نوعين رئيسيين من أنظمة التوصية:
- التوصية القائمة على المحتوى: في هذا النظام، يتمّ النظر في المعلومات الأساسية المتعلّقة بالمنتج ومعلومات المشتركين. وتقدّم نتفليكس المحتوى المقترح بناءً على مشاهدات المستخدم السابقة. فعلى سبيل المثال، إذا شاهد أفلامًا تاريخية، فستقدم المنصة نفس النوع، والمحتوى المطابِق بشكلٍ أفضل تبعًا لمتطلّباته.
- الترشيح التعاوني: يُعتبَر نظام التوصية هذا مستقلًّا عن المعرفة السابقة. ويجري اقتراح المحتوى استنادًا إلى ملفات تعريف المستخدمين المماثلة وهي مجموعة من الإعدادات والمعلومات المرتبطة بالمستخدم. بمعنى آخر، يمكن تعريفها على أنها التمثيل الرقمي الصريح لهوية المستخدم فيما يتعلق ببيئة التشغيل. وتساعد هذه الملفات في ربط الخصائص مع المستخدم والتحقق من السلوك التفاعلي له إلى جانب التفضيلات. وهذا النوع من أنظمة التوصية يركّز على افتراض أنّ ما يفضل المستخدم مشاهدته في الماضي ينبغي أن يكون مؤاتيًا في المستقبل.
2- اختيار مواقع الأفلام
صحيحٌ أنّ نتفليكس ليست منصة بث المحتوى الوحيدة، لكنها تنتج محتواها الخاص فيما يتعلّق بالأفلام والمسلسلات، وهذا ما يعزّز من عائداتها المالية وأرباحها. وعلى مرّ السنين، أصبحت هذه الاستراتيجية أحد الأسباب الرئيسية وراء استدامتها. وبحسب “Statista” وهي شركة ألمانية متخصّصة في بيانات السوق والمستهلكين، أنتجت نتفليكس في عام 2019 محتوى أصليًا يفوق الـ 2750 ساعة، أي أكثر بـ 80% عما تمّ إصداره في عام 2018. وفي الربع الثالث من عام 2021 أطلقت قرابة 130 محتوى أصيل من إنتاجها. لكن ما الذي نحاول قوله؟
إنّ كل هذه الأرقام تشير إلى أنّ تصوير هذا الإنتاج سواء كان فيلمًا أو سلسلة تتطلّب تحديد الموقع الملائم للتصوير، وهنا تستعين نتفليكس بالتعلّم الآلي في تحديد المكان الأنسب لهذه الغاية. وتعمل الخوارزميات على التحقّق من متطلبات التصوير، وتنظيم الجداول الزمنية وتكاليف الممثلين، وطاقم العمل بالإضافة إلى التنبؤ بالعوامل الجوية ذات الصلة، وما إلى ذلك. وفي هذه الحالة يستطيع التعلّم الآلي إيجاد المكان المناسب بكل يسرٍ وسهولة.
3- تغيير طرق التصنيف
بشكلٍ عام، كلّنا نعرف أنّ معظم أنظمة التوصية تقوم بتعيين نظام التقييم الخاص بها من واحد إلى خمسة، ممّا يسمح للمشاهدين بمشاركة تجربة المشاهدة الخاصة بهم. غير أنّ نتفليكس لا تعمل بهذه الطريقة. ومن خلال الاستعانة بالخوارزميات الذكية، تلجأ نتفليكس إلى قياس وتحليل حركة إصبع الإبهام (أعلى وأسفل)، وهو مؤشّر يوضح ما إذا كان المستخدم قد أحبّ المحتوى أو لا. كما يتمّ أيضًا استخراج النسب المئوية لتوقعات المستخدمين من خلال هذه المؤشرات. كل هذا يعطي فكرة واضحة عن المحتوى الذي يحظى بتقدير الجمهور في الغالب، ويجعل نتفليكس تتفادى طرق التقييم الغير دقيقة.
4- تخصيص التوصيات والصور المصغّرة
بفضل الذكاء الاصطناعي، توصي نتفليكس بالمحتوى بشكل مختلف بناءً على الاختيارات، حتى عندما يتمّ تسجيل نفس الحساب في أماكن مختلفة. ومع مرور الوقت، تقوم الخوارزميات بجمع البيانات وتحسين قدرتها على الاقتراح ذات الصلة، حيث تصبح قادرة على تحديد ما يريد المستخدم مشاهدته وذلك وفق فترة البحث، والبقاء على محتوى معين.
أمّا بالنسبة للصور المصغرة (Thumbnails) فهي تعدّ عنصر التأثير الأول للفيلم بأكمله؛ ينبغي أن تكون جذابة للغاية لتحفيز المستخدم على النقر عليها. واستنادًا إلى الصورة المصغّرة، ينقر المستخدمون عليها للحصول على مزيدٍ من التفاصيل. ويعمل الذكاء الاصطناعي في نتفليكس على الانشاء التلقائي للصور المصغّرة الخاصة بالمستخدمين، وتخصيصها لهم. وتتعقّب خوارزمية التعلّم الآلي عادات النقر لدى المستخدم وتحدّد طبيعة الصورة المصغرة التالية التي ستظهر لهم. وقد يعتمد الاختيار على إظهار الفيلم أو الممثل الموجود عليها، لذلك فإنّ الأشخاص الذين يحبونه سيعمدون للنقر عليه بالتأكيد.
باختصار، تعدّ نتفليكس واحدة من أكثر شركات البث عبر الانترنت رواجًا. ويكمن التحدي دائمًا في إيجاد سبل التسويق المناسبة لزيادة اهتمام وإرضاء عملائها باستمرار. إنّ الشركة تستخدم نهجًا يركّز على العملاء ويأتي ذلك مدعومًا بالذكاء الاصطناعي لتحديد أولويات ومتطلبات العمل لما له من قدرة على إحداث تغييرات إيجابية عند تنفيذه بشكلٍ صحيح، لا سيّما وأن نواة عمله يرتكز على البيانات، ويتعامل مع المستخدمين سواء من خلال تخصيص تجربتهم أو تحسينها بحسب كلّ واحدٍ منهم.
حقيقة مقالة جميلة محمد،، شكراً لك
شكراً لك استاذ معاذ
مقال شيق وفيه معلومات جديدة لم نكن نعرفها عن كيفية عمل منصة نيتفلكس واستخدامها للذكاء الاصطناعي
ولكن السؤال لك هل تعتقد انه من الممكن ان تقوم نيتفلكس بشراء بيانات مستخدميها من قواعد بيانات وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وانستاغرام وغيرها من اجل التنبوء بما يفضل المستخدم مشاهدته من افلام ومسلسلات وافلام وثائقية تلائم او تؤاتي الصفحات التي يضع عليها لايك او يتبعها على كل من انستاغرام او فايسبوك وبالتالي اقتراح ما يلائم احتياجاته؟