منذ نشأتها في أواخر ثمانينات القرن التاسع عشر، ساعدت الأفلام على إحياء الخيال البشري. وهي تعدّ اليوم واحدة من أكثر أنواع الترفيه شيوعًا، ووسيلة توفّر للناس فرصةً للهروب من ضغوطات الحياة اليومية. ومع ذلك، لا يتعلّق الأمر بالفنّ فحسب، بل بمساحة العمل وأهدافها. ونظرًا لأنّ التقنية تقود الكثير من الصناعات، يحاول صانعو الأفلام الاستفادة من الأدوات الجديدة وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي لنقل أعمالهم إلى مستوى أفضل. دعونا نرى من خلال هذه المقالة كيف تساهم هذه التقنية في مجال صناعة الأفلام.
1- كتابة النصوص
من المهمّ جدًا اختيار النص الذي سيكتسب التأثير لدى المشاهدين ويحقّق الإيرادات. وقد يساعد الذكاء الاصطناعي منتجي الأفلام في التعامل مع هذه المهمة بكفاءةٍ أكبر. ولإنتاج نصّ جديد، يجري تغذية خوارزمية التعلّم الآلي بكمياتٍ كبيرة من البيانات، في شكل نصوصٍ أو كتابات، ومن ثمّ تحليلها بغية التوصّل إلى نصوصٍ فريدة، كما هو الحال مع أداة الكتابة “جاسبر” الذي يستطيع إنتاج وكتابة سيناريوهاتٍ طويلة، خالية من الانتحال بنسبةٍ تتخطى نسبة الـ 90%. كما يمكن أيضًا تحليل النصوص التي سيتمّ تحويلها إلى فيلم، حيث تقوم الخوارزميات بدراسة القصة، وتقديم الاقتراحات المحتملة، وطرح التساؤلات ذات الصلة بالحبكة مثل “لماذا تحدثت الشخصية بهذا الحوار في هذه المرحلة؟” أو “لماذا يظهر هذا المشهد هنا؟” ما يجعل عملية التحليل أسهل وأسرع، فضلًا عن أنه يساعد المنتجين في إنتاج أفلامٍ ذات جودة عالية.
2- المساعدة في مرحلة ما قبل الإنتاج
تشكّل مرحلة ما قبل الإنتاج تحديًا صعبًا بالنسبة لصانعي الأفلام. ويتمتّع الذكاء الاصطناعي بإمكاناتٍ كبيرة لتبسيط هذه المرحلة، من خلال المساعدة في أتمتة الجداول الزمنية وفقًا لتوافر الممثلين، وتوقّع مدة تصوير الفيلم، وكذلك العثور على المواقع الملائمة التي تتناسب مع الوقائع الواردة في سياق النصّ، ودعم العمليات التحضيرية الأخرى، الأمر الذي يسهم في توفير الوقت وزيادة الكفاءة. كما يمكن الاستعانة بهذه التقنية في تجارب الأداء، ومساعدة المنتجين والمخرجين في اختيار الممثلين المناسبين، حيث تقوم الخوارزميات بتحليل أدائهم التاريخي، وقياس قاعدتهم الجماهيرية، ليقوم المنتجون بعد ذلك بإعطاء شكلٍ للمواد الترويجية والحملات التسويقية على أساس تلك البيانات.
3- اختيار الممثلين
لا تقتصر الاستفادة من الذكاء الاصطناعي على الاختيار في مرحلة ما قبل الإنتاج فقط. إذ يمكن أيضًا تسريع عملية اختيار المؤدّين للأدوار عن طريق تجارب الأداء التلقائية. ووفقًا لمعايير محددة، تبحث الخوارزميات التي يتم تغذيتها بكمياتٍ هائلة من البيانات والمتضمّنة لملامح وجوه الممثلين عن المرشحين المناسبين للأدوار. وبهذه الطريقة، يجري استعمال هذه التقنية لإضافة ممثلين في الأفلام، بل وحتى استبعاد آخرين. كما يمكن إنشاء وتطوير شخصياتٍ رقمية مثل الشخصية الشريرة “ثانوس” بفيلم “Avengers: Infinity War” والتي جرى تصميمها من خلال التعلّم الآلي.
4- التنبؤ بالنجاح
قد يجري الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لتحليل سيناريو الفيلم بغية توقّع الإيرادات التي من المرجّح أن يحقّقها العمل. وعلى الرغم من أن تنبؤات الخوارزمية قد لا تكون دقيقة تمامًا، إلا أنها تجتذب بالفعل اهتمامًا متزايدًا من شركات الإنتاج الكبرى. فعلى سبيل المثال، لجأت شركة “وورنر بروس” الذائعة الصيت إلى منصة “Cinelytic” القائمة على الذكاء الاصطناعي، وذلك للتنبّؤ بمدى نجاح أفلامها، ومعرفة نسبة الإقبال المحتمَلة على شبابيك التذاكر. أمّا شركة “أفلام فوكس للقرن العشرين “20th Century Fox” فقد أدمجت نظام “Merlin” الذكي لمطابقة الأفلام على فئاتٍ معينة من الجمهور، بالإضافة إلى توفير بياناتٍ ديمغرافية كاملة لأيّ فيلم تنتجه. فيما اعتمدت “سوني بيكتشرز” على نظامٍ آخر للتنبّؤ يُدعى “ScriptBook” لتحليل 62 فيلمًا من أفلامها.
5- الترويج والتسويق
قد يجري الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لتحليل سيناريو الفيلم بغية توقّع الإيرادات التي من المرجّح أن بات الترويج أمرًا بالغ الأهمية لا يقلّ أهميةً عن تطوير الفيلم نفسه. ويمكن أن يعتمد أداء الفيلم إلى حدٍ كبيرٍ على استراتيجيات التسويق. لذلك تلجأ شركات الإنتاج إلى الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لهذا الغرض. فمن خلال تحليل عوامل مختلفة مثل قاعدة الجمهور، وشعبية الممثلين في جميع أنحاء العالم، تستطيع هذه الشركات تسويق أفلامها للأفراد على أساس تفضيلاتهم، والاستفادة من البيانات المتاحة على النطاق العام، مثل مواقع التواصل الاجتماعي لتطوير إعلاناتٍ موجهة، وهذا ما فعلته شركة “أفلام فوكس للقرن العشرين” من خلال اعتمادها على شبكة “Merlin Video” العصبية لقياس فاعلية وتأثير مقاطع الفيديو الترويجية.
6- التأليف الموسيقي
أصبحت أدوات التأليف الموسيقي القائمة على الذكاء الاصطناعي حقيقة واقعة. ويجري الاستفادة من هذه التقنية من خلال إنشاء مؤلفات موسيقية للأفلام. وباستخدام التعلّم المعزز، يمكن للخوارزميات إجراء تحليل البيانات للمقطوعات المختلفة، وتطوير أنماط موسيقية تتكيف مع بيئة الفيلم، اعتمادًا على نوعه. وتتبنّى العديد من شركات التقنية الذكاء الاصطناعي من أجل تطوير أنظمة يمكنها تعلّم مختلف أنماط الموسيقى، بينها شركة “سوني” اليابانية التي استعملت برنامجًا ذكيًا يُسمى “Flow Machines” لإنشاء أغنية بأسلوب فرقة “البيتلز” البريطانية الشهيرة.
أصبحت أدوات التأليف الموسيقي القائمة على الذكاء الاصطناعي حقيقة واقعة. ويجري الاستفادة من إنّ الإمكانيات التي يجلبها الذكاء الاصطناعي إلى عالم صناعة الأفلام مثيرة للاهتمام، على الرغم من أنّ المنتجين لا يخفون قلقهم من أن يحلّ محل البشر في هذا المجال. ولكن بمعزل عن هذه المخاوف، لا بدّ من التأكيد أن هذه التقنية لها العديد من الفوائد. فمع إمكانية مساعدة البشر في اتخاذ قراراتٍ مؤتمتة قائمة على البيانات، سيلعب الذكاء الاصطناعي دورًا في تبسيط عملية صناعة الأفلام الشاملة لتمكين الشركات من زيادة كفاءة العمليات وتقليل تكاليف العمالة وتحقيق المزيد من الإيرادات.
رائع ، هذا ما كنت أبحث عنه ، شكرا .
برنامج اوتطبيق سهل يجعلني اقوم بانتاج فيديو بالذكاء الاصطناعي