هل يمكن لأدوات جي بي تي المتخصصة أن تُحدث تحولاً في الطب؟

السبت 24 ذو القعدة 1445ھ السبت 1 يونيو 2024م
فيسبوك
إكس
واتساب
تيليجرام
لينكدإن

629 كلمة

5 دقائق

المحتوى
لقد طالعَتنا مؤخرًا بعض الأخبار عن التطورات في مجال تعديل الجينات من خلال “كريسبر جي بي تي” (Crispr GPT)، وهو نموذجٌ لغوي كبير مصمَّم لأتمتة تجارب التعديل الجيني. وهذا يجعلنا نطرح تساؤلات حول إمكانية العمل على نسخٍ أخرى متخصصة مماثلة في الطب، وكيف يمكن الاستعانة بها.

ويُعدّ “كريسبر جي بي تي” نموذجًا لغويًا يشبه تشات جي بي تي، ولكن يتمّ تدريبه على مجموعة بيانات متخصصة جداً تركز على تحرير الجينات، وهذا ما يجعله فعالاً في هذا المجال المحدد، وفهم الفروق الدقيقة في تعديل الحمض النووي، وتحديد الأخطاء أو المخاطر المحتملة، وما إلى ذلك. ومع ذلك، فعلى عكس تشات جي بي تي، الذي تم تصميمه للتعامل مع مجموعة واسعة من الأسئلة العامة، قد لا يكون أداء كريسبر جي بي تي جيدًا في الاستفسارات العامة خارج مجال التعديل الجيني.

وتكمن أهمية هذه الفكرة في استخدام نموذجٍ لغوي كبير للتعامل مع كمياتٍ هائلة من البيانات في تعديل الجينات. وليس على الباحثين سوى التدقيق في قواعد البيانات الضخمة لتحديد التسلسل الجيني المناسب، وفهم الآثار الجانبية المحتملة، وتحسين نظام كريسبر. حيث يمكن لنماذج اللغات الكبيرة مثل جي بي تي تحليل هذه البيانات، وتحديد الأنماط، وتقديم الاقتراحات، مما يؤدي إلى تسريع عملية البحث وتعزيزها بشكلٍ كبير. فما هي بعض المجالات الطبية الأخرى التي يمكن أن تستفيد من هذه التقنية؟

۱. شركات تصنيع الأدوية

اكتشاف الأدوية

يمكن لنسخة جي بي تي الدوائية أن تمر بسرعة على مجموعات بيانات ضخمة من الهياكل الجزيئية، والخواص الكيميائية، والنشاط البيولوجي للتنبؤ بكيفية تفاعل الجزيئات المختلفة مع الأهداف الدوائية المحتملة. ويمكن أن يسرّع هذا في تحديد الأدوية المرشحة الواعدة وتحسين بنيتها، وتسريع عملية تطوير أدوية جديدة.

هندسة البروتينات

هي مجال آخر مهيّأ للابتكار باستخدام نسخة من جي بي تي. ويمكن لهذه النماذج أن تساعد في تطوير بروتينات جديدة ذات وظائف محددة، والتي تعتبر حاسمة في التكنولوجيا الحيوية والتطبيقات العلاجية. فمن خلال محاكاة طي البروتين والتفاعلات، يمكن أن يساعد جي بي تي في تصميم البروتينات التي تؤدي المهام المرغوبة، مما قد يؤدي إلى اختراقات في العلاجات الطبية والعمليات الصناعية.

تصميم الأجسام المضادة

يمكن لنسخة جي بي تي المخصصة لهذه الغاية، أن تولّد تسلسلاتٍ جديدة من الأجسام المضادة للاستخدام العلاجي، أو تعزيز الاستجابة المناعية، أو استهداف مسببات الأمراض المحددة بدقة عالية. كذلك يمكن أن تؤدي هذه القدرة إلى تطوير سريع لعلاجاتٍ جديدة لمختلف الأمراض المعدية وأمراض المناعة الذاتية.

التجارب السريرية

من خلال نسخة جي بي تي، بالإمكان تبسيط تصميم التجارب السريرية من خلال تحليل الأدبيات الطبية الحيوية، وبيانات المرضى لتحديد تصميمات التجارب المثالية، ومجموعات المرضى، والمؤشرات الحيوية المحتملة، مما يعني تطوير أسرع لعلاجات جديدة وتحسين كفاءة البحوث السريرية.

۲. في الممارسات الطبية والمستشفيات

الطب الشخصي

يقوم برنامج جي بي تي بأخذ بيانات المريض في ثوانٍ، بما في ذلك المعلومات الجينية، والتاريخ الطبي، وعوامل نمط الحياة، وغيرها من البيانات. ويمكن أن يساعد ذلك في تحديد عوامل الخطر الفردية، والتنبؤ بقابلية الإصابة بالأمراض، وتخصيص خطط علاجية للتركيب الجيني لكلّ مريض. ومن خلال هذا التخصيص، يمكن للمرضى الحصول على العلاجات الأكثر فعالية بناءً على ملفاتهم الجينية والصحية.

جينوم السرطان

يمكن لنسخة جي بي تي هنا، تحليل البيانات الجينية واسعة النطاق من مرضى السرطان لتحديد الطفرات الجينية المحددة التي تقود نمو الورم، والتنبؤ بكيفية استجابة الأورام للعلاجات المختلفة. وهذا ما سيجعل العلاجات أكثر فاعلية٫ ويؤدي لتحسين فرص العلاج الناجح لمرضى السرطان.

التخطيط الجراحي

إنّ جي بي تي المتخصص في الجراحة قد يساعد في التخطيط الجراحي للإجراءات المعقدة، وتحليل بيانات المريض والتصوير الطبي، ومحاكاة الأساليب الجراحية المختلفة، وتحديد أفضل الاستراتيجيات، وتقليل المخاطر، وهذا بالتالي ينعكس إيجاباً على نتائج المرضى.

وطبعاً، هذه مجرد أمثلة قليلة للطرق التي يمكن أن تساعد بها نماذج اللغات الكبيرة في مجال الطب. وبطبيعة الحال، فإن تصور أدوات جي بي تي المتخصصة أسهل بكثير من إنشائها. وسيكون الاختبار الصارم والتحقق منها، والحصول على الموافقة لاستعمالها أمرًا ضروريًا قبل نشر هذه النماذج في البيئات الطبية. وستؤدي هذه الإمكانات الجديدة المحتملة إلى تحسين الرعاية التي يمكن للمرضى تلقيها، وتعزيز العمل الذي يمكن للأطباء القيام به، وتطوير البحوث الطبية، وتبسيط الخدمات اللوجستية وراء الرعاية الصحية.
نشرة فهم البريدية
لتبقى على اطلاع دائم على كل ما هو جديد مما تقدمه منصة فهم، انضم لنشرتنا البريدية.
باحث في مجال الذكاء الاصطناعي. كاتب تقني. يرتكز عمله المهني على توفير المهارات الإستراتيجية لدعم وفهم تقنية الذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية. أنجز العديد من الدراسات والمقالات العلمية في الذكاء الاصطناعي، وتركّز أبحاثه على التأثير الحقيقي لهذه التقنية في مختلف المجالات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *