مع تعدّد التأثيرات التي بات يلعبها الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات من الرعاية الصحية، إلى السيارات، والتصنيع وغيرها، وصل تأثير هذه التقنية إلى أكثر القطاعات الحيوية في العالم: قطاع الزراعة، الذي يعدّ أساس الاقتصاد العالمي، فمع تزايد عدد السكان، يحتاج العالم إلى إنتاج أغذية أكثر بنسبة 50% بحلول عام 2050.
ويمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي مساعدة المزارعين في الحصول على محاصيل ذات جودة، وإستخدام الموارد بشكل أكثر استدامة. أمّا عن كيفية استخدام هذه التقنية في قطاع الزراعة، فسنتعرّف عليها في هذه المقالة.
1- الجرارات ذاتية القيادة
مع الاستثمار الضخم في تطوير المركبات المستقلة لتلبية الاحتياجات المختلفة، يستفيد قطاع الزراعة أيضًا من مزايا هذه المركبات وتحديداً من خلال الجرارات الزراعية ذاتية القيادة. وتجمع هذه التقنية بين نظامي الاستشعار عن بعد (GPS) والتشغيل الآلي، وهذا يسمح بقيادة الجرّار بشكلٍ دقيق ومحسوب بالسنتيمتر، وبتجنّب الضغط المفرط للتربة، كما يتيح ظروفًا ملائمة لنمو الزرع والحصاد، ويساعد في توفير الوقت، من خلال رسم المسارات المناسبة لحركة مرور الحصاد.
ويتم كذلك برمجة هذه الجرارات، للكشف بشكلٍ مستقل عن موقع الحرث في الحقول، وتحديد السرعة، وتجنّب العقبات مثل معدات الري، والبشر والحيوانات أثناء أداء المهام. ومع المزيد من بيانات التدريب عالية الجودة للزراعة، فإنّ الاستخدام الواسع لهذه الجرّارات المستقلة سيحدث نقلةً نوعية في الزراعة.
2- مكافحة الآفات والحشرات
وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة العالمية، يتعرض ما بين 20 و40% من محصول الحبوب في العالم حالياً إلى الهَدْر بسبب الآفات والحشرات، التي تعتبر من أكثر التهديدات التي تتلف المحاصيل على مستوى العالم قبل حصادها وتخزينها للاستهلاك البشري.
وتساعد شركات الذكاء الاصطناعي مثل “Farm Wise“، على إرسال تنبيهات للمزارعين عبر هواتفهم الذكية بشأن الحشرات مثل الجراد المحتمل نزولها نحو مزرعة معينة. كما تستعين هذه الشركات بخوارزميات تحليل صور الأقمار الصناعية الجديدة والعمل على مقارنتها ببيانات الصور السابقة، ما يفسح المجال أمام المزارعين التصرف لتخفيف الأضرار وإزالة الآفات المكلفة في الوقت المناسب.
3- الروبوتات الزراعية
تعمل شركات الذكاء الاصطناعي على تطوير روبوتات يمكنها أداء مهام متعددة في مجال الزراعة. ويتم تدريب هذه الروبوتات للعمل على مكافحة الأعشاب الضارة، وحصاد المحاصيل بوتيرةٍ أسرع بكثير مقارنة بالبشر، والمساعدة في التحقّق من جودة المحاصيل واكتشاف النباتات أو الأعشاب غير المرغوب فيها وغيرها من الأعمال. وتقوم شركات مثل “Blue River Technology” و “Harvest CROO Robotics” بصناعة هذا النوع من الروبوتات، التي يمكنها حصاد ما يقارب 30 ألف متر مربع من الأراضي في يومٍ واحد، ما يوفّر الوقت والجهد ويسمح بتخفيض عدد العاملين البشر.
4- رصد صحة التربة والمحاصيل
تشكّل جودة التربة والمحاصيل تحديًا كبيرًا بالنسبة للبلدان المنتجة للغذاء. وفي مواجهة هذا التحدّي، قامت شركة “Peat” الناشئة ومقرّها في ألمانيا، بتطوير تطبيقٍ قائم على تقنية التعلّم العميق (Deep Learning) يسمى “Plantix” يمكنه تحديد العيوب المحتملة ونقص المغذيات في التربة بما في ذلك الآفات والأمراض ويعمل هذا التطبيق على تقنية قائمة على التعرّف على الصور ويمكن استخدام الهاتف الذكي لالتقاط صورة النبات واكتشاف العيوب فيها. كما يقدّم التطبيق النصائح والحلول الأخرى على شكل مقاطع فيديو تفصيلية تبعَا للحالة التي تواجه المزارعين. وبالمثل، تعتمد شركة “Trace Genomics” على التعلم الآلي لتقديم خدمات تحليل التربة للمزارعين. وتساعد هذه التطبيقات على مراقبة الظروف الصحية للتربة والمحصول وإنتاج محصول صحي بمستوى أعلى من الإنتاجية. كما جلبت شركة “Vine View” حلول التصوير الجوي الذي يعتمد على الطائرات بدون طيار لرصد صحة المحاصيل. ويتمّ استخدام الطائرات للقيام بجولة من التقاط البيانات من الحقول الزراعية ثم يتم نقل جميع البيانات عبر محرك أقراص USB من الطائرة بدون طيار إلى جهاز كمبيوتر وتحليلها من قبل الخبراء. وتستخدم الشركة الخوارزميات لتحليل الصور الملتقطة وتقدم تقريرًا مفصلاً يحتوي على الحالة الصحية للمزروعات، وحالة الأوراق حيث أن النباتات عرضة بشدّة للأمراض مثل العفن والبكتيريا، وهذا ما يساعد المزارعين على التحكّم بصحة المزروعات وحمايتها في الوقت المناسب.
5- الزراعة الدقيقة مع التحليلات التنبؤية
لقد توسّعت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الزراعة لتصبح زراعة دقيقة ومضبوطة من خلال توفير التوجيه المناسب للمزارعين حول الزراعة المثلى، وإدارة المياه، والحصاد في الوقت المناسب وغيرها… وأثناء استخدام خوارزميات التعلّم الآلي فيما يتعلّق بالصور الملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار، تتنبّأ تقنيات الذكاء الاصطناعي بظروف الطقس، وتُحلّل استدامة المحاصيل، وتقيّم تغذية النباتات ووجود الأمراض أو الآفات مع توفير بيانات مثل درجة الحرارة وهطول الأمطار، وسرعة الرياح والإشعاع الشمسي. ولا يساعد الذكاء الاصطناعي المزارعين على الأتمتة في زراعتهم فحسب، بل يحولها أيضًا إلى زراعة دقيقة للحصول على محصول ذات جودة أفضل مع استخدام موارد أقل.
وفي المستقبل، من المتوقّع أن تحصل الشركات الزراعية التي ترتكز خدماتها على الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي على الريادة و التقدم التكنولوجي، لأنها ستوفر التطبيقات الأكثر فائدة لمساعدة العالم على التعامل مع قضايا وتحديات إنتاج الغذاء للنمو السكاني المطّرد كلّ عام.
شكرا على المعلومات القيمه برجاء توضيح المصادر
يعتبر الذكاء الاصطناعي أدة هامة في كل القطاعات
كل الشكر علي السرد الممتاز ياريت المصادر