مع الإعلان عن مشروع نيوم في شمال المملكة ليكون مركز عالمي مستقبلي بتقنيات مستقبلية، لفت المشروع أنظار العالم و استحوذ على مخيلة السعوديين. هناك عدة طرق يمكن للذكاء الإصطناعي أن يلعب بها دورا في مشروع نيوم، أبرزها مايلي:
1- المركبة ذاتية القيادة ” زاجل”
تعتبر المركبات الذاتية القيادة أحد أهم التقنيات التي ستغير العالم في السنوات القادمة . حيث ستزيد الناتج الإجمالي وتخفض تكاليف الشحن والمواصلات بشكل عالمي مما يضع الجميع بين خيارين : استخدام المركبات ذاتية القيادة او خسارة السوق للمنافس الذي يعتمد عليها . أحد أكبر العقبات هي السلامة حيث تعد تقنية تجريبية خاصة في المدن المكتظة . أما المدن الجديدة مثل (Xiongan) في الصين ونيوم في السعودية فهي مدن مستقبلية تصمم خصيصا لجعلها ملائمة للمركبات الذاتية القيادة بتقليل مخاطر الإصطدام وبتزويد المركبات بمعلومات ذكية من مركز المدينة الذي يدير كل المركبات . سيساعد ذلك في تجاوز “المرحلة الإنتقالية ” بين ان تكون تقنية تجريبية إلى تقنية عملية يستخدمها للجميع في كل أنحاء العالم . تشمل هذه المركبات السيارات ، الشاحنات ، الباصات ، والطائرات بدون طيار لتشبه الحمام ” الزاجل ” الذي يعرف طريقه -وكان يستخدم قديما لنقل الرسائل-
تقوم الصين ببناء مدينة Xiongan المستقبلية لتكون حقل تجارب تقنيات المركبات الذاتية القيادة والتقنيات المستقبلية.
2- المصنع الذاتي “رافد”
أحد أسباب نجاح دول مثل الصين في أن تكون شريان الصناعة في العالم هو رخص اليد العاملة مما ساهم في انخفاض التكاليف . التقنيات الحديثة في الذكاء الإصطناعي مثل (Imitation Learning) وتطور الروبوتات تسمح باستبدال كثير من اليد العاملة مما يجعل هذه المصانع أقل تكلفة من مثيلاتها التي لا تستخدم هذه التقنيات. تحتاج هذه المصانع القليل من العمال و والمهندسين والمبرمجين. وبسبب ذلك تجد هذه المصانع الذاتية معارضة في دول أوروبا وغيرها من النقابات العمالية مما يؤخر استخدامها. ذلك يمثل فرصة لتحويل نيوم لمنطقة صناعية عالمية تشبه ما قامت به اليابان وسنغافورة .هذه المصانع لا تستخدم الذكاء الإصطناعي فقط في تحريك الآلات تلقائيا وإنما أيضا في إدارة الموارد مثل المياه والطاقة الكهربائية التي تحتاجها لتوفير أكبر قدر من الموارد و إيضا التنسيق بين المصانع لتقليل الهدر . لتكون هذه المصانع الذاتية في نيوم “رافد” العالم الصناعي الجديد.
المصنع الذاتي هو المصنع الخالي من العمال , ويشرف عليه مهندسين ومبرمجين وتقوم كافة عملياته و إدارته بالذكاء الإصطناعي .
3- المتحف المستقبلي “مرصد”
في الماضي كانت المتاحف تبنى للاحتفاظ بالتراث الإنساني القديم ثم تطورت لتشمل الفن و الإنتاج الإنساني القديم و المعاصر وعرضه للعامة . أخيرا أصبحت الشركات التجارية تنشئ متاحف لها لعرض منتجاتها و لنشر علامتها التجارية وجذب السياح لأغراض مالية . في كل هذه الأشكال من المتاحف كان الإنسان هو المحور الأساسي لغرض المتحف ، لكن بدأ الوضع في التغير . فمع تطور تقنيات مثل (GAN) في الذكاء الإصطناعي انتشرت الصور و الرسمات الواقعية غير الحقيقية والتي يتم صناعتها تلقائيا بالآلة بواسطة الذكاء الإصطناعي . هذه اللوحات الفنية تشبه بحد كبير فن البشر ، ففي عام ٢٠١٨ بيعت لوحة مصنوعة بالذكاء الإصطناعي بقيمة ٤٠٠ ألف دولار في مزاد في موقع كرستيز . بينما قام متحف في بيتسبرج في ولاية فلوريدا في أمريكا بعمل شخصية الرسام سلڤادور دالي بتقنية (deep fake) على إنسان واقعي مما جعل الشخصية التاريخية وكأنها عادت للحياة . كل هذه نتدرج نحو نطاق جديد للفن . يجمع الفن ،الإنسان والآلة لتكون “مرصدا” للتقنيات المستقبلية يعيشعا الشخص في الحاضر.
في عام 2018 بيعت لوحة مصنوعة بالذكاء الإصطناعي (أعلاه) بـ 400 ألف دولار في مزاد , لتكون أول لوحة مباعة من صنع الذكاء الإصطناعي .
4- واقع الإنتاجية الإفتراضي “خيال”
عالم “خيال” هو عالم في الواقع الإفتراضي VR حيث يقوم الشخص باستخدام الواقع الإفتراضي للدخول في عالم يتعلم منه و يعمل فيه وهو عالم ثلاثي الأبعاد بالذكاء الإصطناعي متغير وبه شخصيات متغيرة متأقلمة للفرد أكثر من العالم الواقعي . يتم صناعة عالم افتراضي ليزيد من تعلم وإنتاجية الفرد ويحوي شخصيات بعضها حقيقي وبعضها من الذكاء الإصطناعي … يشبه هذا الواقع الإفتراضي ما نشر في فلم ( ready player one ) . لماذا يكون عالم “خيال” في نيوم ؟ يمكن فرض هذا الأسلوب الجديد في بعض قطاعات المدينة نظير الامتيازات الأخرى في نيوم لتكون سابقة في عهدها و الاستفادة من الأخطاء . الفائدة من عالم “خيال” تكمن في تقليل استهلاك الوقود والطاقة و زيادة الإنتاجية كبقية تقنيات العمل عن بعد (remote work) مما ينعكس على تقليل التكاليف وزيادة الأرباح ( لجذب الإستثمار في قطاع “خيال” في نيوم ).
اندماج تقنيتي الواقع الإفتراضي VR والذكاء الإصطناعي يساعد في زيادة فعالية التعلم مثل ما قامت به شركة صينية لتعليم اللغة الصينية بداية عام 2019 .
5- حلبة الرياضات الإلكترونية “سجال”
تعد الرياضات الإلكترونية من القطاعات الصاعدة عالميا بالإضافة لازدياد معدل أعمار مستخدمي الألعاب الإلكترونية سنويا . شركة Epic Games المالكة للعبة فورتنايت حققت أرباح ٣ مليار دولار عام ٢٠١٨ و قدمت جوائز قيمتها ٣٠ مليون دولار في كأس العالم للعبة عام ٢٠١٩ . هذه البطولات تشهد متابعات مباشرة عالية جدا تقارن بنهائيات بطولات كرة القدم ( بالإضافة لشعبيتها في السعودية خصوصا ! ).ترتبط الألعاب الإلكترونية بمجال (Reinforcement Learning ) في الذكاء الإصطناعي يتعلم من المنافسين ويطور اُسلوب لعب يهزم البشر . هذه ما حصل بداية في الشطرنج ولعبة ألفا جو عام ٢٠١٥ وأخيرا لعبة Dota 2 . تقوم مراكز أبحاث الذكاء الإصطناعي في شركات مثل قوقل و (open AI) بتطوير هذه الخوارزميات لصناعة عميل (Agent) يستطيع هزيمة البشر في كل الألعاب وبعدها زيادة صعوبة الألعاب حتى الوصول لمستوى ذكاء بشري AGI .فكرة “سجال” هي حلبة منافسة للرياضات الإلتكرنية بأعلى جوائز عالميا و مقرها نيوم . تنظم “سجال” بطولات عالمية على مدار العام على مختلف الألعاب بالإضافة لكونها مركز أبحاث نيوم لتطوير الذكاء الإصطناعي باستخدام بيانات اللاعبين وطرق لعبهم. بذلك تكون “سجال” بؤرة للذكاء الإصطناعي في المنطقة بالإضافة لكونها مورد إقتصادي وترفيهي للمدينة.
تعد بطولات الرياضات الإلكترونية من الأمور الأكثر انتشارا في السنوات الأخيرة بالإضافة لدخول شركات التقنية مثل قوقل في تطوير أبحاث الذكاء الإصطناعي على هذه الألعاب.