أين تتوقف حدود التعلّم العميق (Deep Learning) ؟

الخميس 14 جمادى الأولى 1441ھ الخميس 9 يناير 2020م
فيسبوك
إكس
واتساب
تيليجرام
لينكدإن
التعلم العميق

716 كلمة

6 دقائق

المحتوى

لعلّ مفهوم الذكاء الصناعي بدأ يحظى بشعبيةٍ كبيرة ومقارباته قد تحمل الكثير من المفاجآت المثيرة للإهتمام ولكنه لا يزال يفتقر إلى القدرة العقلية البشرية، لذلك يسعى الباحثون لمعرفة ما هو مفقود للوصول إلى هذه الغاية.

١- قطعة موز أم قطعة خبز؟

تخيل معي هذه الصورة الذهنية! لا يوجد أي خطأ في الصورة…إنها موزة… مجرد موزة كبيرة لكنها ناضجة فوق الحد! ومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي (AI) قد يحددها على أنها قطعة خبز تم تحميصها كثيراً، هذه النتيجة تأتي على الرغم من أنه تم تدريبه بنفس تقنيات التعلّم العميق (Deep Learning) التي يمكن تصنيفها على أنها “قوية”. ولكن بالعودة إلى الموزة، فهذا يعني أن الذكاء الصناعي قد عُرِض عليه آلاف الصور من الموز، والقشور… ولكن مع ذلك ، كان هذا “النظام المتطور” مرتبكًا تمامًا ولم يستطع أن يميّز.

٢- الهجوم العدائي (Adversarial Attack):

يوضح هذا المثال الذي ذكرناه لما يسميه الباحثون في مجال التعلّم العميق بـ “Adversarial Attack” أوباللغة العربية “هجومًا عدائيًا”، وقد اكتشفه فريق Google Brain، وعليه فالسؤال الذي يطرح نفسه هو إلى أي مدى لا يزال يتعين على الذكاء الصناعي أن يمر بمراحل قبل أن يقترب فعلياً من القدرات البشرية؟ وقبل التكملة في الموضوع، لا بد لنا من التطرّق ولو بشكل موجز عن مفهوم التعلّم العميق وهو حقل فرعي من التعلّم الآلي (Machine Learning) والذي يسمح للآلات بتدريب نفسها على آداء مهام كالتعرّف على الصور أو الكلام من خلال استخدام تقنيات الشبكات العصبية (Neural Networks). وقد يعتقد كثيرون أن “التعلّم العميق” هو مصطلح جديد، لكن في الحقيقة تعود جذورهذا المفهوم إلى ما كان يطلق عليه بـ “حرب الأدمغة” في ثمانينات القرن الماضي وقد برز وقتها نهجين مختلفين للذكاء الصناعي: الأول كان معروفاً بالذكاء الصناعي الرمزي (Symbolic AI) وقد تمّ فيه استخدام الرموز الرياضية لتمثيل الأشياء والعلاقة بينها، أمّا الثاني فهو الذكاء الصناعي المتّصل (Connectionist AI) حيث بدأ الباحثون وقتها إلى الدعوة لبناء الشبكات العصبية وهي ما بات يُعرف اليوم بأنظمة التعلّم العميق.

H4K8D1kk2q2DjBlzuXF4Nmw9ijW2FYbVmgqSKkegqd8lPXvH0reNACYu r7rjsKzg4Pm7XfqEpvJkL06lS 7H5vpxBes 7RT0Jx2JV1MjEk7wdCgDUKY
المصدر:( http://neuralnetworksanddeeplearning.com/images/tikz41.png )

يقول “جيفري هينتون” وهو عالم كمبيوتر في جامعة تورنتو ويعدّ واحداً من رواد التعلّم العميق “لقد اعتقدت في البداية أن الأمثلة العدائية كانت مجرد إزعاج عابر، لكنني أعتقد الآن أنها ربما تكون عميقة للغاية”. ولعل هذا هو شعور مشترك على نطاق واسع بين من يعمل في مجال الذكاء الصناعي، ولتسهيل فهم الفكرة أكثر فلنطرح هذه المقاربة: لكي يتعلم الطفل كيفية التعرف على بقرة على سبيل المثال فإن الأمر لا يشبه أن تقول والدته كلمة “البقرة” 10 آلاف مرة ” وهو رقم غالبًا ما يكون مطلوبًا لأنظمة التعلّم العميق حيث يتعلم البشر مفاهيم جديدة عموماً من مثال أو مثالين فقط.

٣- إشكالية “الغموض” و”المنطق”

كذلك هناك مشكلة “الغموض” حيث أنه ليس من الواضح دائمًا كيف تتخذ آلة الذكاء الصناعي قراراتها بمجرد تدريب نظام التعلم العميق فيها، وفي هذا الإطار يقول “دايفيد كوكس” وهو عالم الأعصاب الحسابي الذي يرأس مختبر الذكاء الاصطناعي MIT-IBM Watson في كامبريدج، ماساتشوستس إنه “في العديد من الحالات، هذا غير مقبول حتى لو كان الجواب صحيح”. وهذا الشيء قد ينطبق على المصارف مثلاً والتي قد تستخدم الذكاء الصناعي من أجل تقييم جدارة بطاقة الائتمان الخاصة بنا ومن ثم قد تحرمنا من الحصول على قرض رغم أنه في العديد من الدول هناك قوانين تنص على وجوب شرح السبب وهذا ما يعجز الذكاء الصناعي عن فعله. وربما الأهم من ذلك، هناك نقص في المنطق إذ قد تكون لأنظمة التعلم العميق معالجات في التعرف على الأنماط بالـ Pixels، لكنها لا تستطيع فهم معنى هذه الأنماط. وفي هذا السياق يذكر “غريغ واين” وهو باحث في مجال الذكاء الاصطناعي في شركة DeepMind وهي شركة فرعية مقرها في لندن تابعة لـ Google أنه “ليس واضحًا أن الأنظمة الحالية ستكون قادرة على رؤية الأرائك والكراسي المخصصة للجلوس”. مثل هذه الثغرات تثير مخاوف بشأن الذكاء الصناعي على نحو متزايد بين عامة الناس وخاصةً في مجال السيارات الذاتية القيادة والتي تستخدم تقنيات التعليم العميق المماثلة للتنقل، وقد تشارك في حوادث قتل ووقوع وفيات. وفي هذا الإطار، يقول “غاري ماركوس” وهو باحث في جامعة نيويورك ويعدّ أحد أكثر المشكّكين في التعلم العميق: “لقد بدأ الناس يقولون ربما توجد مشكلة، وحتى العام الماضي أو نحو ذلك كان هناك شعور بأن التعلم العميق كان سحراً أمّا الآن يدرك الناس أنه ليس سحرًا”. ولكن رغم ذلك لا يوجد إنكار أن التعلّم العميق يعدّ آداة قوية بشكل لا يصدق فهي التي جعلت من تطبيقات مثل التعرّف على الوجوه وبصمة الصوت حقيقة واقعة بعدما كانت مستحيلة قبل عقد من الزمن لذلك فمن الصعوبة تخيّل أن التعلم العميق سينتهي في هذه المرحلة بل نعتقد أنه سيتم تعديله وتطويره أكثر.

المصادر:

1.https://arxiv.org/abs/1712.09665
2.http://citeseerx.ist.psu.edu/viewdoc/download?doi=10.1.1.650.4684&rep=rep1&type=pdf
3. https://www.youtube.com/watch?v=wh_IZNHH2S0

نشرة فهم البريدية
لتبقى على اطلاع دائم على كل ما هو جديد مما تقدمه منصة فهم، انضم لنشرتنا البريدية.
باحث في مجال الذكاء الاصطناعي. كاتب تقني. يرتكز عمله المهني على توفير المهارات الإستراتيجية لدعم وفهم تقنية الذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية. أنجز العديد من الدراسات والمقالات العلمية في الذكاء الاصطناعي، وتركّز أبحاثه على التأثير الحقيقي لهذه التقنية في مختلف المجالات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *